ملاذ الحياة في لحظات الولادة الحرجة
الحديدة اليوم / يحيى يحيىفي عالم الطب، هناك لحظات يصبح فيها الفارق بين الحياة والموت مجرد نفس متأخر أو لحظة إغاثة لم تأتِ في وقتها. وفي محافظة الحديدة، تتجلى هذه اللحظة يوميًا داخل أروقة هيئة مستشفى الثورة العام، وتحديدًا في وحدة رعاية الخدّج وحديثي الولادة، التي باتت بمثابة خط الدفاع الأول عن أرواح المواليد الجدد الذين لم تسعفهم الظروف في أن يولدوا بكامل قوتهم أو أنفاسهم الأولى المستقرة.
مرجعية طبية تتجاوز حدود المحافظة
تعد وحدة الخدّج من أبرز وحدات العناية المركزة التخصصية لحديثي الولادة على مستوى اليمن، نظرًا لما تمتلكه من بنية تحتية متطورة وتجهيزات طبية عالية الدقة، إلى جانب الخبرة الطويلة لكوادرها الطبية والتمريضية. لقد تحولت هذه الوحدة إلى مقصد علاجي رئيسي، لا لسكان الحديدة فقط، بل أيضا للمحافظات المجاورة، بفضل الثقة المتزايدة بمستوى الرعاية التي تقدمها للأطفال الأكثر هشاشة.
تجهيزات متقدمة لرعاية دقيقة
وتتوزع إمكانيات الوحدة بين 41 حاضنة طبية حديثة، و4 أجهزة تدفئة حرارية، و20 جهاز علاج ضوئي، إضافة إلى أجهزة مراقبة دقيقة للحالة الحيوية، ومضخات سوائل، وأجهزة تنفّس صناعي متطورة. هذه المنظومة تمكّن الفريق الطبي من التعامل مع أكثر الحالات تعقيدا، وتقديم الرعاية المثلى للرضع من عمر يوم حتى 28 يومًا.
استقبال يومي لحالات حرجة من مختلف المناطق
تستقبل الوحدة يوميا عشرات الحالات، سواء من مديريات الحديدة أو من محافظات مجاورة، نظرا لقدرتها على التعامل مع حالات الولادة المبكرة، ونقص الوزن الحاد، والاختناقات الولادية، وضيق التنفس، وغيرها من التحديات الطبية التي تهدد حياة الأطفال حديثي الولادة.
كادر طبي مؤهل يلامس حدود المعجزة
ويعزى هذا النجاح إلى كادر طبي وتمريضي متميز، يقوده نخبة من المتخصصين في طب حديثي الولادة والخدّج، ممن تلقّوا تدريبات دقيقة وخاضوا سنوات من الخبرة الميدانية في مواجهة التحديات اليومية لأمراض الطفولة الحرجة. ويقف على رأس هذا الفريق الاستشاريون ذوو كفاءة عالية، يشكّلون العصب الحقيقي لإنقاذ الحياة في لحظاتها الأولى.
تأهيل مستمر ومواكبة للتطورات العالمية
تتلقى الكوادر العاملة في الوحدة دعما مباشرا من قيادة هيئة المستشفى من خلال برامج تدريب تخصصية تعقد بشكل منتظم، تركز على مهارات الإنعاش الوليدي، وأساليب التنفس الصناعي للأطفال، والتغذية الوريدية، وتقنيات التحكم في العدوى داخل الحاضنات، مما يعزز من جودة الأداء وكفاءة الاستجابة.
دعم مؤسسي وراء هذا النجاح
أكد الدكتور خالد أحمد سهيل، رئيس هيئة مستشفى الثورة العام بمحافظة الحديدة، أن وحدة رعاية الخدّج وحديثي الولادة شهدت مؤخرًا نقلة نوعية في التجهيزات والخدمات، بفضل تزويدها بأحدث الأجهزة الطبية المنقذة للحياة، ما أسهم في رفع مستوى الرعاية المقدّمة لهذه الفئة الأشد ضعفًا.
رؤية شاملة للرعاية المتكاملة
وأوضح الدكتور سهيل أن المستشفى يستقبل الحالات من مختلف مديريات المحافظة ومحافظات الجوار، نظرًا لقدرات الوحدة المتقدمة. كما أشار إلى أن الهيئة تحرص على استمرار تطوير الوحدة من خلال رفدها بالتقنيات الحديثة وتوفير بيئة طبية آمنة، إلى جانب الاستثمار في تأهيل الكوادر المتخصصة عبر برامج ودورات نوعية في مجال طب الخدّج وحديثي الولادة.
شركاء دعم في خدمة الإنسانية
وثمّن رئيس الهيئة الدعم المستمر من وزارة الصحة العامة والسكان، والسلطة المحلية، ومكتب الصحة بمحافظة الحديدة، وبعض المنظمات المحلية والدولية وهو ما مكن المستشفى من تحسين خدماته في مختلف التخصصات، وجعل وحدة الخدّج أحد النماذج الناجحة في تقديم الرعاية الصحية المتقدمة.
أمل جديد يولد كل يوم
في كل مرة يخرج فيها رضيع من هذه الوحدة سليما معافى، تكتب صفحة جديدة من حكايات الانتصار الطبي والإنساني، وتؤكد هيئة مستشفى الثورة أن رعاية حديثي الولادة في اليمن ليست مستحيلة، بل ممكنة عندما تتوافر الإرادة، ويجتمع العلم مع الخبرة، وتُكرّس الجهود لإنقاذ ما تبقى من الأمل.
